لم
يزل في ذاكرتي موقف زميلي في الجامعة الدكتور علاء الذي جاء من مصر إلى الرياض بعد
منافسة “طاحنة” للعمل في الجامعة, وبمجرد وصوله طلب أعادته مرة أخرى بأسرع وقت
ممكن, وأنه يعتذر حتى عن إكمال الفصل الدراسي بسبب مرض ابنه.
وبعد هذا
الحدث بأشهر قليلة يفقد زميل والده في بلده, ويحضر إلى المحاضرة, ويتلقى التعازي,
ويزاول عمله, وكأن شيئاً لم يكن, وسط دهشه وتعليقات لوم واستنكار وتعجب من قبل
أغلب الزملاء, حتى وصفه بعضهم بـ “عديم الاحساس” و “الأبن العاق”.
وقبل أيام
فاجئ وزير المساعدات البريطاني اللورد مايكل بيتس الحضور بمجلس العموم البريطاني
بتقديم استقالته بسبب تأخره خمس دقائق, ووصف ما فعله بأنه: “أمر مخجل للغاية”.
وهو ما
ذكرني بعميد في الجامعة تم دعوته إلى الحفل الختامي بحضور شخصيات مهمة, وأعلى في
مكانتها الاجتماعية منه, والحفل على شرفه, ويعلم عنه قبل أسبوع, وأكد أنه سيحضر,
ولكنه تأخر ساعتين فقط عن موعد العشاء بحجج واهيه, وحضر بعد رجاء من المنظمين لم
يبق بعده إلا البكاء لكي يحضر ولا “يفشلنا”.
نعم يا
عزيزي أنها القيم!! قيمة الأشياء عندك
فالوزير
بيتس قيمة الوقت عنده عالية لدرجة الاستقالة لأنه تأخر عن موعده, ولو كانت قيمته
عنده أقل لأعتذر, ولو أقل لن ينتبه للأمر أصلا, وسيحضر العشاء بكل “طناخة” مثل
عميد الكلية تماماً, وسيأخذ الصور التذكارية, وسيلقي كلمة عصماء, وسيُمنح درع
تكريم بعد منتصف الليل.
هذا
الاختلاف الشاسع بين الأشخاص في القيم يأتي من تربيتنا في الصغر, فمثلاً إذا كان
أبوينا يحذرونا من الكسل, ويدعوننا إلى العمل سيكتسب العمل قيمة عالية عندنا
والعكس صحيح, ولو امتدحا لنا مهنة الطبيب أو سلوك الصدق أو أي شيء آخر سيكون له
قيمته تعادل هذا المدح داخلنا.
وما نتلقاه
في حياتنا من تجارب, وما نستخلصه منها, وما ينتج عنها يعطي قيمة للأشياء, فمثلاً
يكتسب العمل قيمة عالية كلما حقق لنا عائداً مرتفعاً, أو أنقذنا من خسارة مخيفه,
وهذا يفسر (ولا يبرر) تصرف بعض الاشخاص عندما يحقق دخل عالي جداً, ويطلب منه أن
يتنازل عن قيم أخرى مثل الصدق والامانة والصداقة .. الخ أو يخاطر بقيم مثل الوظيفة
أو السمعة .. الخ, ليحافظ على هذا الدخل, والأمر نفسه مع من يخاف الفقر والعوز
والجوع فيتنازل عن قيمة الاحترام أو العزة أو الكرامة .. الخ مقابل البقاء في
عمله, فالعائد الذي يرجوه أو الخسارة التي يخشاها جعلت قيمة العمل أعلى من قيم
أخرى مجتمعة
وما نتلقاه
من الآخرين يعطي للأشياء قيمة, فعندما يظهر لنا في مشهد تلفزيوني أن الكذاب ينجو
ويكسب, فهو يمرر علينا قيمة للكذب, وعندما يستضيف الأعلام راقص أو راقصه على أنهم
نجوم فهو يعطي قيمة للرقص, والأمر نفسه يحدث عندما يستضيف عالم أو طبيب .. الخ.
وزيادة
مصادر المعرفة اليوم, وتنوع الثقافات واختلافها, زادت حاجة الانسان للتفكير بعقله
الواعي, وترشيح (فلترة) القيم التي لا تتناسب معه, ولكنها مُررت عليه بطريقة أو
بأخرى من خلال ما يعيشه أو يشاهده أو يسمعه, ويتكرر عليه إلى أن أصبح له قيمة
عالية في اللاشعور عنده.
علينا أن
نراجع قيمة الأشياء المهمة في حياتنا, ومدى توافقها مع من نعمل معهم, فكلما توافقت
أو تقاربت قيمنا الرئيسة مثل الالتزام, التعاون, الجماعية, الفردية .. الخ كلما
كان الأفضل أن أستمر في العمل, وأتعامل مع الاختلافات بما يناسبها, وعندما يكون
هناك فجوة في تقدير الأشياء المهمة بيني وبين من أعمل معهم فالأفضل تركهم.
أن المعيار
الذي نقيس من خلاله قيم الآخرين هو قيمنا, فعلينا أن نعرفها جيداً ونكتبها
ونرتبها, فمثلا: ماهي قيمة هذه الأشياء بالنسبة لك؟
الحياة,
المال, العمل, الراحة, التطوع … الخ
بمعنى هل
تتنازل عن الصداقة من أجل المال أو العكس؟ أو هل تتنازل عن الراحة من أجل العمل أو
العكس؟ هل تكذب من أجل أن تنجح أو تقول الصدق حتى لو خسرت؟
أن الإجابات
الحقيقية على هذه الأسئلة لن تظهر بالكلام, بل ستظهر عندما نمر في موقف يكشف
ترتيبنا لقيمنا, ولذلك نجد انسان يتحدث عن الصداقة دائماً يترك أعز أصدقاءه من أجل
قليل من المال مثلاً, فعلاقاتنا الإنسانية وسلوكياتنا هي انعكاس للقيم التي نؤمن
بها بداخلنا, سواء عبرت عنها أفواهنا أو لم تعبر.
لن أنهي
المقال قبل أن أجيبك على السؤال الذي يشغلك “هل سأنتحر إذا فقدت عملي؟”
نعم, إذا أصبحت
قيمة العمل أعلى من قيمة الحياة عندي, مثلما فعل محمد البوعزيزي رحمه الله عندما
قام بإضرام النار في نفسه احتجاجاً على مصادرة العربة التي كان يبيع عليها, فوجد
أنه سيخسر مجموعة قيم مثل الكرامة, والسعادة, والمال .. الخ, ليس لأنه سيخسرها
فعلاً جميعها, بل لأنه ربط كل هذه القيم الجميلة والمهمة بالعمل, فعندما خسره خسر
كل هذه القيم, فضعفت عنده قيمة الحياة, مقارنة بهذه القيم مجتمعة
أعط العمل
ما يستحق من القيمة, ولا تبالغ بقيمته أو تستهين بها, ولا تجمع مجموعة من القيم مع
بعضها ككتلة واحدة لا تتحقق إلا مجتمعة, فهذا يعقد ويزيد من صعوبة تحقيقها, العمل
يؤثر على الأشياء الأخرى في حياتنا, مثلما تؤثر هي أيضاً فيه, لكن غيابه لا
يلغيها, وغياب العمل فرصة لكي تعطي مساحة كافية للقيم التي تهملها أثناء العمل مثل
الراحة والصداقة والابوة .. الخ
العمل ليس
الحياة, بل هو جزء منها .. العمل ليس السعادة, بل هو احد أسبابها .. العمل ليس
النجاح, بل خطوة من خطواته
رابط المقال في موقع أخبار الأعمال
ـــــــــــــ
دورات تدريبية, معهد صناعة الحياة للتدريب, الطويل للاستشارات الإدارية
و التدريب, جامعة الملك سعود, الخليج للتدريب والتعليم, سي ان بي سي عربية, cnbc
arabia, cnbc عربية, استشارات ادارية,
دورة تدريبية, اللائحة الداخلية, التخطيط الاستراتيجي, مدرب ادارة اعمال, مدرب
دورات القيادة, دورات ادارة الاعمال, دورات القيادة, دورة ادارة اعمال, دورة
القيادة, دورة المدير الناجح, دورات المدير الناجح, دورة مهارات المدير الناجح,
دورة صناعة المدير الناجح, مسلم كامل الاخرس, مقالات ادارية, مقالات ادارية مترجمة,
مقالات ادارية بالانجليزي, مقالات ادارية باللغة الانجليزية, مقالات ادارية تربوية,
مقالات ادارية مفيدة, مقالات ادارية علمية, مقالات ادارية محكمة, مقالات إدارية حبيبات
القهوة, مقالات إدارية رائعة ومفيدة, مقال ادارية, مقالات ادارية pdf, مقال اداري ونقده, مقالات محاسبة ادارية, مقالات ادارية قصيرة, مقال
اداري قصير, مقالات فساد اداري, مقاله فساد اداري pdf, مقالات في الادارة, مقالات ادارية حديثة, مقالات حقوق اداري, مقالات
حقوق اداري تطبيقي, مقال اداري تربوي, مقال اداري بالانجليزي, مقالات ادارة الاعمال,
مقال ادارة الاعمال, مقالات عن ادارة الاعمال, مقالات في ادارة الاعمال, مقالات حول
ادارة الاعمال, مقال عن ادارة الاعمال الدولية, مقال في ادارة الاعمال, مقال عن ادارة
الاعمال بالانجليزي, مقالات علمية في ادارة الاعمال, مقال ادارة الاعمال, مقالات ادارة
الاعمال, مقال عن ادارة الاعمال الدولية, مقال في ادارة الاعمال, مقال عن ادارة الاعمال
بالانجليزي, مقالات عن ادارة الاعمال, مقالات في ادارة الاعمال, مقالات حول ادارة الاعمال,
مقاله عن ادارة الاعمال, مقالة عن ادارة الاعمال, مقال عن ادارة اعمال, مقال عن ادارة
الاعمال, مقالات جريدة الاقتصادية, مقالات صحيفة الاقتصادية, مقالات اقتصاديه جريدة
الرياض, أريبيان بزنس, اربيان بزنس مصر, أريبيان بزنس السعودية, أريبيان بزنس قطر,
أريبيان بزنس الخليجية, أريبيان بزنس العربية, مجلة أريبيان بزنس, موقع أريبيان بزنس,
صحيفة أريبيان بزنس, مجلة أريبيان بزنس قطر, فندق أريبيان بزنس, اريبيان بزنس ويكيبيديا,
أريبيان بزنس عربي, أريبيان بزنس دبي, صحيفه أريبيان بزنس, شركة أربيان بيزنس, شركة
أريبيان بزنس, رئيس تحرير أريبيان بزنس, جريدة أريبيان بزنس, جوائز أريبيان بزنس, أريبيان
بزنس الامارات, أريبيان بزنس الكويت, أريبيان بزنس اعمار, أريبيان بزنس الخليج, اخبار
الاعمال, اخبار الاعمال والاقتصاد, اخبار الاعمال الممتازة, اخبار الاعمال في السعودية,
اخبار الاعمال الخيرية, أخبار الأعمال بالمغرب, اخبار رجال الاعمال, اخبار قطاع الاعمال
العام, اخبار ريادة الاعمال, أخبار الاعمال, أخبار قطاع الاعمال, أخبار رجال الاعمال,
أخبار المال والأعمال, اخبار المال والاعمال, اخبار قطاع الاعمال اليوم, اخبار شركات
قطاع الاعمال العام, اخبار وزارة قطاع الاعمال, اخبار وزارة قطاع الاعمال العام, اخبار
وزير قطاع الاعمال, اخبار شركات قطاع الاعمال, اخبار رجال الاعمال في تونس, اخبار المال
والاعمال فى مصر, اخبار المال والاعمال في السودان, اخبار شركات عالمية, اخبار عن الشركات
العالمية, اخبار عن الشركات العالميه, أخبار الشركات العالمية, آخر أخبار الشركات العالمية,
اخر اخبار شركات عالمية, اخر اخبار المال والاعمال في الموجز الاقتصادي, اخبار عالم
الاعمال, اخبار عن الاعمال, اخبار سيدات الاعمال السعوديات, اخبار سوق الاعمال, اخبار
سيدات الاعمال, اخبار رجال الاعمال السعوديين, اخبار رواد الاعمال, دبي أخبار الأعمال,
اخر اخبار الاعمال, اخبار حاضنات الاعمال,
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire